كان ولد الغزواني مختلفا

أربعاء, 06/16/2021 - 11:44

-موقع الاستقلال- لم ينج إكس ولد إكس إكرك من ركوب موجة التضليل، وبذلك انحرف خطه في الكتابة، لاتكائه على معلومات مغلوطة، ولتناغمه هذه المرة مع أجندة متعطش للسلطة مدمن على استخدام أدواتها للثراء، لا يهتم إلا بنفسه، ولا يراعي في أحد إلا ولا ذمة، يقول أبو مسلم البهلاني:
لن ترضى الله حتى تخلص الورعا***ولن ترى ورعا بالجهل مجتمعا
ويقول على الجارم:
إذا عظمت نفس امرئ جل سعيه***وجل فلم يوصم بزهو ولا عظم
من فلتات الزمن أن يترأس على بلاد شنقيط ذات مرة رجل مثل "عزيز"، لا يحمل من العزة إلا التطاول على الناس، ولا يقدر العلم والعلماء..والأخلاق بالنسبة له ضعف، والأدب تخلف، والحنو على الضعفاء مختزل في التقاط الصور مع عجوز أو طفل..
لما طوحت " بعزيز" الأقدار إلى هرم السلطة في موريتانيا، لم تكن غالبية هذا الشعب الطيب تدرك مدى نهم الرجل ورغبته الجامعة في الثراء:
تجنب بيوتا شبعت بعد جوعها***لأن بقاء الجوع فيها مخمرا
طفق الرجل يؤسس لإمراطورية مالية عز نظيرها في المنطقة، ولم يكتف بأموال الضعفاء والأرامل واليتامى من بني جلدته، فلجأ إلى صناديق "أكرا"، وبيع "السنوسي"، وتهريب الذهب من بعض الدول الشقيقة، وظل مع ذلك "مرفوع" الرأس:
ملأى السنابل تنحني تنحني بتواضع*** والفارغات رؤوسهن شوامخ
ظل الرجل "شامخا" ينظم خرجاته حول محاربة الفساد ولجم المفسدين، وإشاعة العدل بين الناس:
وفي الناس من ظلم الورى عادة له***وينشر أعذارا بها يتأول
جريء على أكل الحرام ويدعي***أن له في حِل ذلك محمل
ولما انقشع الدخان وزالت غشاوة السلطة، ظهر الرجل على حقيقته أمام الجميع، كأكبر أثرياء المنطقة حسب تصريحه ((خرجت من السلطة بكثير من المال لكنه ليس من الشعب))، ومع ذلك لم يسحب راتبه مرة واحدة حسب تصريحه دائما.
فقيض الله لهذا الشعب الطيب رجل اسمه محمد ولد الغزواني، كان الجميع يصفه بالعازف عن السلطة، ولكن ظهر أنه ليس عازفا عن انتشال شعبه، من مخلفات عشر نخر فيها سوس الفساد والغطرسة والفوضى، كل هيبة الدولة، والتُهم فيها اليابس قبل الأخضر.
رغم التركة الثقيلة لم يتردد غزواني في خوض غمار معركة التنمية من أول يوم من ممارسته للسلطة، ورغم مخلفات العلاقة المهنية بين الرجلين، وما يبدو في الظاهر من دعم عزيز للمرشح الذي تربع على السلطة بعده، رغم ذلك كله استطاع هذا الضابط القادم من ممارسة القيادة في مختلف الفصائل العسكرية، والمنحدر من أسرة تنضح بالتعاليم الروحية، أستطاع إذا أن يسير البلد بطريقة مختلفة عن سابقه، تطبعها الجدية والحمية للضعفاء والقسوة مع أهل الفساد وأعداء العدالة، دون تمثيل على المواطنين، ولا ضحك على الذقون..
انهمك هذا الرئيس الجديد ولد الغزواني في ترتيب أولوياته في الحكم، منطلقا من إعادة الاعتبار للقانون وأدواته ووضع أسسا للحفاظ على ثروات البلد، حاول بعض المستفيدين من استشراء الفساد الوقوف أمامه، والتشويش عليه من أجل ثنيه، ولكن دون جدوى.
ومن حسن طالع الشعب الموريتاني، أن كوفيد19 تأخر حتى يأتي ولد الغزواني إلى السلطة، وإلا لضاعت أرواح وأرواح في صفقات الدواء والبنية التحتية والمدارس...
لا مراء في أن صندوق كورونا عمل على تلافي الكثير من الأخطار المحتملة، رغم بعض التجاوزات المسجلة، والتي نبه إليها غزواني نفسه، وأظهرت التحويلات للفقراء أنه مهتم بهذه الشريحة، وأخيرا أظهر تأمين ما يزيد على 600000 أسرة فقيرة أن الرجل جاد في تغيير الأوضاع المعيشية لشعبه، رغم ما زال يحول دون ذلك من عراقيل أغلبها من مخلفات تسيير الرئيس السابق..
كان غزواني مختلفا في أخلاقه، وتعامله مع المشهد الوطني، وتكمن قوة الرجل في أنه جذب الجميع من كل المشارب، وسيطر على الأفئدة قبل الأجسام، ولم يصادر رأيا صحفيا، ولا تغطية إعلامية، ولم يستهزأ بأحد، ولكن مشكلته أنه يحاول أن تسود المسحة الأخلاقية على كل شيء..
حفظ الله بلادنا.

عبد الله سيد الشيخ