-موقع الاستقلال- قرأت بين الشك والتصديق والإعجاب موقفا سجله الرئيس محمد جميل منصور أطال الله بقاءه يبرر فيه عدم نعيه للأستاذ الراحل محمد يحظيه ولد إبريد الليل، وبإعجاب كبير قرأت موقفا آخر سجله رئيس حركة قوى التغيير (إفلام) الأستاذ صمبا اتيام حفظه الله.
السيد الرئيس محمد جميل منصور الموقر
أشكر لكم اهتمامكم الكبير بالساحة السياسية والفكرية والأدبية ، ولا غرو فأنتم فارس من فرسانها ، وتمتلكون ناصية المبادرة دوما في التعبير الحر عن خلجات أنفسكم ومكنونات قلوبكم بسكينة ووقار وحذر، يعكسه انتقاء المفردات التي ترسمونها بريشة فنان ، وموهبة أديب ، وخلفية فقيه.
سيدي الرئيس
نعيكم المتأخر عفوا أقصد موقفكم من النعي جميل حقا ، لكن اعذروني فأنا مهووس بالمقارنات حد الشغف ، بدا لي أن ما سجله الأستاذ الرئيس صمبا اتيام أجمل ؛ لقد تعفف الرجل بنبل عن ذكر خصمه بسوء بعد رحيله ، وبين الطرفين تاريخ من الصراع الفكري الممتد عبر عقود من الزمن ،ولم يكن يخبو إلا ليتجدد ، ودق مخبرو ولد الطايع بينهم عطر منشم.
سامحني لأقارن أيضا ما كتبتم بسلوك نبيل تربى يتيما في مكة يرعى الغنم ويأكل القديد ويُلاعب الغلمان ، لكن العناية الإلهية كانت تهيئه لحمل أعظم الرسالات وأنبلها.
رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم القائل(اذكروا محاسن موتاكم) ، وإن كان الحديث ضعيفا فقد صح عنه (إذا رأيتم الجنازة فقوموا) ، ورد على من قال إنها جنازة يهودي (أليست نفسا؟)
فما بالنا نحن نحقد اليوم على أهل الملة ، وننال أحيانا منهم في الوقت بدل الضائع؟
وفي موضوع قد يكون ذا صلة بعد صلح الحديبية يمم النبي الأعظم محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وجهه شطر الملوك والأمراء في فمختلف الأصقاع لدعوتهم للدين الإسلامي الحنيف.
جاء في ديباجة إحدى هذه الرسائل (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم...)
وفي أخرى (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة...)
وفي رسالة أخرى (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط...)
ورسالة لكسرى تقول (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس...)
إن من يتأمل لطف نبينا وتنزيله الناس منازلهم يدرك سر عظمته ، فهؤلاء كانوا أعداءه ولا يؤمنون بدينه لكنه خاطبهم بمنتهى اللطف والإحترام، ولم يجردهم من ألقابهم.
لنفترض جدلا أن الراحل عدو لكم لاسمح الله ؛ كره العدو لم ولن يساعد في هزيمته ، لأن أكبر عدو للإنسان يا أستاذي هو الكره ، وإذا تغلبنا عليه كان النصر سهلا ، وبأقل الخسائر.
أوسكار وايلد المؤلف والروائي الكبير كان يقول (سامح أعداءك فلا شيء يغيظهم أكثر من ذلك).
أستاذي جميل
أكاد أجزم أنكم كتبتم تحت الضغط ، أو لعلكم كتبتم في لحظة تسرع لم تنتظروا حتى تنحسر عواطف الانفعال .
إن من تشبع بثقافات الكرة الأرضية كلها كيف يمكن أن يصبح كحد سيف جندي من جنود جنكيزخان؟
كيف يمكن أن يكون كهمج النازية ، أو الماسونية العنصريه؟
سامحوني تطاولت -باحترام طبعا- على مقامكم الكريم ولست نِدا لكم ، فالفوارق كبيرة لا يتسع المقام لذكرها ، ولكن شجعني حبكم للإطلاع والتواصل ، وكرم تواضعكم أمام الحق ، لذا حاولت لفت انتباهكم ، فأنا ضنين بكم إلا أن تكونوا شغوفين بشعر محيي الدين بن عربي القائل
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني.
كامل الود
محمد محمود إسلم عبد الله