كيف تمت السرقة في البنك المركزي الموريتاني؟

جمعة, 07/10/2020 - 21:42

-موقع الاستقلال- حسب التحريات التي قامت بها «صحراء ميديا» لدى مصادر قريبة من الملف، فإن السيدة المسؤولة عن الصندوق الفرعي الخاص بالعملات الصعبة، كشفت أمام المحققين الطريقة التي كانت تختلس بها الأموال من الصندوق.

وقالت إن المبلغ المتبقي يومياً من الدولار، تبدل فيه الأوراق النقدية من فئة مائة دولار بأوراق أخرى من فئة دولار واحد، وتحيط الرزمة من طرفيها بورقتين من فائة مائة دولار، وبهذه الطريقة تتحول كل رزمة 10 آلاف دولار إلى رزمة من ثلاثمائة دولار فقط، مع أنها بنفس الحجم والمقاييس، قبل أن تلف جميع الرزم في ورقة وتكتب عليها اسمها مع قيمة المبلغ الحقيقي المتبقي من الدولار.

أما بالنسبة لليورو فقد لجأت السيدة إلى استخدام أوراق مزورة من فئة 500 يورو، وذلك بعد أن أعلن البنك المركزي الأوروبي مطلع العام الماضي (يناير 2019) وقف إصدار هذه الفئة وسحبها من التداول، فاعتقدت أن ذلك يعني أنها بعد فترة ستكون غير صالحة للتداول، وبالتالي سيتخلص منها البنك المركزي الموريتاني دون أن يكتشف أنها مزورة، وفق تعبير مصدر قريب من الملف.

ولكن المصدر اعتبر أن دخول هذه الكمية الكبيرة من اليورو المزور إلى خزائن البنك المركزي، كان يمكن أن يتسبب في كارثة حقيقية، لو لم يكتشفه البنك في الوقت المناسب، لأن هذه الفئة (500 يورو) بعد أن سحبت من السوق، بقي البنك المركزي الأوروبي يستقبلها لاستبدالها بأوراق نقدية أخرى، ولو أن البنك المركزي الموريتاني حمل إلى البنك الأوروبي أي فئات مزورة لتضررت مصداقيته كثيراً، ولدخل في أزمة من الصعب عليه الخروج منها.

ورقة واحد دولار لعبت دوراً مهما في عملية الاختلاس

تقاليد البنك المركزي الموريتاني تقوم على الرقابة اليومية، مع المتابعة الآنية والإجراءات الصارمة، فالقاعدة المعمول بها تقول إن «الثقة لا تلغي الرقابة»، خاصة على مستوى الصناديق الفرعية التي تعمل بشكل دائم ويومي، كما تقول أعراف البنك إن العاملين في هذه الصناديق يجب أن يكونوا محل تزكية ومن أكثر الناس ورعاً واستقامة، إضافة إلى أنه يجب أن يتبادلوا المهام بشكل دوري، فلا يبقى أحد منهم في نفس المسؤولية لفترة طويلة.

ونظرياً صمم النظام الرقابي لدى البنك المركزي وفق نظرية تقول إنه حتى لو حاول أحد الموظفين في أحد الصناديق السرقة، فإنه لن يتمكن من سرقة مبلغ أكثر من ذلك المبلغ المسلم له يومياً، لأن الرقابة والتدقيق تجري مع نهاية كل دوام، إلا أن المصادر تقول إن «الثقة الزائدة» ساهمت في إضعاف الرقابة، ودفعت موظفة صندوق العملة الصعبة نحو الاختلاس، حين وثقت فيها المسؤولة التي فوقها، فلم تعد تحضر معها حساب المبالغ المتبقية يومياً، كما أن المسؤولين عن الصندوق لم يعودوا يدققون في المبالغ التي ترجعها لهم يومياً، وهو «تقصير» واضح قد يصل لدرجة «التواطؤ».

مع بداية الدوام، كانت الموظفة عندما تأخذ المبلغ اليومي، تطلب من القائمين على الصندوق منحها مبلغاً جديداً، بحجة الرغبة في أن تكون الآلة الحاسبة سريعة في عده من دون أخطاء، فيما كانت الحقيقة هي الرغبة في تفادي أن تعود إليها رزمها السابقة، وهي رزم منقوصة وتحتوي على أوراق مزورة.

بدأت الموظفة باختلاس مبالغ صغيرة، تطورت مع مرور الوقت لتصل إلى عمليات تزوير خطيرة، ويخشى المحققون أن تكون مرتبطة بشبكة «غسيل أموال»، وهو ما قادهم للاستماع لعشرات الأشخاص من خارج البنك، تم التحفظ على عدد منهم على ذمة التحقيق.