-موقع الاستقلال- تستعد العاصمة الموريتانية نواكشوط لحدث بارز ويحمل في طياته الكثير من المعاني والرموز، رئيس عربي إفريقي يسلم السلطة لرئيس آخر منتخب، وسط حالة من الهدوء والاستقرار ومناخ سياسي يكاد الطيف المعارض أن يعترف خلالها ضمنيا وفي السر بالنتائج التي أسفرت عنها الانتخابات وأعلنت عنها اللجنة المستقلة وصادق عليها المجلس الدستوري.
هو حدث استثنائي ومحطة ذات دلالة عميقة لمن ينظر إلى الأحداث المتلاحقة في الجوار والمحيط الإقليمي الذي بات فيه مجرد الحفاظ علي استقرار البلدان وأمنها الاجتماعي مكسبا يستحق الإشادة والتنويه بفعل أمواج ما يعرف بـ”الربيع العربي” التي جلبت الدمار والشنار الي مجتمعات ودول لا تزال جراحها مفتوحة.
أحرى أن يتم تنظيم انتخابات بمشاركة واسعة من مختلف الأطياف السياسية في البلد ووفق معايير تم الاتفاق عليها من قبل أغلب الفاعلين السياسيين، ويبدو أنه وبغض النظر عن سياقات سير العملية الانتخابية والطعون في شفافيتها من قبل بعض المترشحين وموقفهم المتغير حول الحوار وما بعد الانتخابات، فإن الثابت هو أن رئيسا منتخبا اسمه محمد ولد الشيخ الغزواني سيستلم الحكم بقوة صناديق الاقتراع في عملية تبادل سلمي للسلطة في نواكشوط.
وبين رئيس مغادر وآخر قادم تقف موريتانيا علي مفترق طرق بين مشكك في قدرة الرئيس المنتخب علي ضبط دفة أمور الحكم وبين مستبشر بعهد جديد من النماء والاستقرار لموريتانيا عهد أساسه الإجماع علي القضايا الوطنية الكبري والبحث عن خلق أجواء من الهدنة السياسية بين الفرقاء بعد عشرية من المواجهة والصدام مع رجل موريتانبا القوي الرئيس محمد ولد عبد العزيز .
شخصيا وبعد حوار جمعني في السابق مع الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني استنتج أن الرجل يحمل تصورا مختلفا وآلية جديدة لتعاطي مع المشهد السياسي الوطني، دون أن يعني ذلك القطيعة التامة مع ميكانزمات عمل وبرامج وطنية كان جزء من صناعتها مع صديقه ورفيق دربه الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز .
طبعا لن تكون المراحل الأولي من حكم الرئيس المنتخب سهلة فثمة تحديات كبيرة وملفات معقدة تحتاج الكثير من الجرأة والصبر والحزم في إدراتها، وسيكون هذا الرجل المعروف بلباقته وأخلاقه أمام تحدي المواجهة مع لوبيات الدولة العميقة التي تحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد الأخلاق للتعامل معها، وسيسعى البعض إلى دق إسفين التنافر مع رفيقه ولد عبد العزيز بينما سيحاول آخرون إظهاره باعتباره الرئيس الضعيف المحكوم وليس الحاكم وستثار قضايا وتحرك ملفات متشابكة.
لكن رهاني الشخصي أمام كل هذه التحديات -كان ولا يزال- على صبر وهدوء وكياسة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وقدرته علي امتصاص الأزمات والعراقيل التي وضعت ولا تزال توضع في طريقه وفي ذلك اشترك بعض الموالين والمعارضين، لكن الرجل ظل يمسك العصى من الوسط في انتظار انتهاء عمليات الإحماء والتمرين للوصول إلى “التطبيق” مع بداية فجر فاتح أغسطس فجر الرخاء والاستقرار وعبور الجسر نحن موريتانيا الآمنة والمتصالحة وفق إجماع وطني تعهد به رئيس منتخب للعهد عنده معنى…
الإعلامي محمد الأمين ولد خطاري