-موقع الاستقلال- " يسود خطاب في كثير من دول العالم الثالث فحواه أن الشخصيات ذات الخلفية العسكرية لا تستطيع قيادة بلد ولا النهوض به .
ويقدم أنصار هذه المقولة سلسلة من النماذج العربية والعالمية قاد فيها العسكر بلدانهم للتخلف عن ركب الأمم كمصر مثلا و للدمار والخراب كليبيا والعراق وسوريا واليمن ؛ ونماذج إفريقية ومن آمريكا اللاتينية ومن آسيا وأوروبا .
فهل الأمر كذلك ؟
في تاريخنا الإسلامي العظيم في عصره الذهبي كان للخبرة العسكرية دور محوري في بناء أركان الدولة ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان القائد الذي جمع كل صفات كمال القيادة بما في ذلك الشجاعة والقتال والتصدر يوم البأس ؛ فقدكان صلى الله عليه وسلم يقاتل ولا يولي مطلقا ويثبت في لحظات يدبر فيها أشد الفرسان وأشجعهم كما في أحد وحنين.
وقاتل الخلفاء والنخبة مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكان سيدنا علي رضي الله عنه أمة وحده في المبارزة وفي الاقتحام البطولي لخطوط العدو واستحكاماته.
وشهد التاريخ الإسلامي نماذج مثالية للقائد المقاتل الذي يحمي سيادة الأمة ويحقق العدل وحسن إدارة مواردها وحسن توظيفها معا؛ وما أكثر تعدد ذلك النموذج ؛ من قبل صلاح الدين الأيوبي وقطز وعبد الله بن ياسين ويوسف ابن تاشفين وطارق بن زياد إلى سيلمان القانوني في ذروة انتصارات ومنعة الدولة العثمانية.
وفي عصرنا الراهن برزت نماذج أوروبية لشخصيات عسكرية سياسية قادت نهضة بلدانها وصناعة مجدها الخاص ولو على حساب أمتنا وأمم أخرى كنابليون وغيره.
وفي أكبر دول العالم وأكبر ديمقراطياته وأكبر قوة اقتصادية وعسكرية نجد أن 33رئيسا من اصل 45 هم أصحاب خلفية عسكرية ومنهم أهم رؤساء آمريكا الذين أسسوها وأطلقوا مارد الحلم الآمريكي الذي هيمن على العالم بوحشية إلى اليوم أمثال:
جورج واشنطن
إبراهام لينكولن
فرانكلين دي روزفلت.
إذن لايتعلق الأمر بالخلفية العسكرية وإنما بإرادة كل قائد وهمته ونوعية فريق عمله؛ وجاذيبته وقدرته على التأثير؛ وعلى رسم منحى الأولويات الوطنية وضبط مفاصل إدارته بحنكة وتميز .
إن المدني والعسكري ينحدران من نفس البيئة الاجتماعية ونفس الوعي الشعبي في بلدانهم ؛ وفكرة الإقصاء التلقائي لذوي الخلفيات العسكرية من الميدان السياسي لمجرد أنهم انخرطواسابقا في سلك الجيش وفي مهمة تأمين سيادة الوطن فكرة ساذجة .
إن الشعوب تمر بمراحل عصيبة في طريق نموها وتأمين ثوابت سيادتها ؛ ولكل مرحلة رجالها الذين لا يصلح لها إلاهم ولايمكن عبور المرحلة إلا بهم ؛ ليس من باب القائد الضرورة ولكن من باب تناسب كل مرحلة مع رجالها ؛ تماما كما عبرت أكبر دمقراطيات العالم نحو عصر هيمنتها ب33 رئيسا خلفيتهم عسكرية ؛ وكما حقق الاتحاد السوفييتي ذاته بنخبته العسكرية القائدة وكذلك الصين..
نمر في موريتانيا بمرحلة حساسة جدا بعد احتقان سياسي طال أمده وسلسلة انقلابات قصر وانقلابات دموية فاشلة وارتفاع لمستوى الاحتقان الاجتماعي وفقدان الثقة بين أطراف الساحة السياسية وخطاب سياسي انفعالي راكم جبلا من القطيعة والكراهية بين أبناء الوطن ؛ وتسيدت العناوين حرب إشاعات من كل نوع هدفها تحويل المنافسة في الانتخابات القادمة إلى منافسة سلبية ذات طابع انتقامي يعد فيها المرشح المدني للرئاسة بالانتقام من نخبة الجيش والنخبة السياسية المدنية الموالية لها ؛ ويعد فيها مرشح الأغلبية خصومه بمزيد من الإقصاء والتهميش لتضيع أولويات النهوض بالوطن في نقيع معركة طواحين الهواء هذه.
لكن ذلك لن يحدث بإذن الله إن رشح الشعب الموريتاني للرئاسة الشخصية المناسبة لهذه المرحلة وهو دون ريب السيد محمد ولد الغزواني ؛ فتحت لواء قيادته للوطن لن يسود منطق الانتقام والإقصاء ولن تكون هناك أولوية إلا النهوض ببلدنا بعون من الله العزيز الحكيم.
إن السيد غزواني بما يملك من خبرة ومن مقومات القيادة ومن وعي وخلق حميد ووزن سياسي داخلي وخارجي يحق للشعب الموريتاني أن يراهن عليه .
ولا يعتبر دعم الشعوب لقياداتها توقيعا على بياض بل هو توقيع على تحمل مسؤولية النهوض بالوطن قطاعا قطاعا عبر استراتيجية شاملة تحقق لشعبنا حدا مقبولا من الحياة الكريمة على عموم التراب الوطني دون إقصاء أو تهميش لمواطن بسبب عرقه أو جهته أو انتمائه السياسي ؛ فالمولاة لاتعني الحق بالاستئثار بالمكاسب المعنوية والمادية في الوطن كمالا تعني المعارضة شطب الحقوق المدنية للمواطنين المعارضين وحرمانهم من حقهم الطبيعي في خدمات الإدارة الرسمية وفرص المنافسة في السوق الرسمي وفرص التوظيف.
إن من الأولويات الوطنية على مستوى القيادة والإدارة أن يتم إتقان الاستراتيجيات الوطنية من حيث التخطيط، والتنظيم، والتنسيق والتنفيذ، والتوجيه، والرقابة ؛ فأي خلل في مفصل من هذه المفاصل ينعكس سلبا على بقيتها.
لاشك أن السيد غزواني يدرك أولويات المرحلة وضرورة اختيار طواقم تخطيط و إدارة وتنفيذ ورقابة ما سيعد من استراجيات تخدم بلدنا في كل المجالات لنحقق معا عزة الوطن واستقراراه وأمانه.
سلم الله بلادنا من كل شر "
المصلي على الشفيع عليه الصلاة والسلام
الأستاذ عبد الله ولد بونا