-موقع الاستقلال- تسيير محمد ولد عبد العزيز للشأن العام فى موريتانيا سلسلة من رَدَّات الفعل الارتجالية الموغلة فى الذاتية.
يوم أيقن أن الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع مُرْسلُه إلى حامية لمغيطي لقتال الجماعات الارهابية على الحدود،تَجرد "البطل المقاوم"من بزة الوطنية وانضباط الجندية وانقلب على وليِّ نعمته فى غَيبته.
ومن المضحات المبكيات أن عزيز لم يخجل من إحجامه عن الثأر لأبناء شهداء لمغيطي،فخرج علينا بهم فى مهرجان شعبي متجملا كالنساء ببطولة أضاعها كالرجال.
ويوم عزله الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله كانت ردة فعله بالانقلاب مرة ثانية. لقد بدأ يستمرئ التمرد.
ويوم آنس إعراضا من إسرائيل وراعيها الأمريكي عن تفهُّم انقلابه الجديد،فاوض عزيز تل آبيب على موقفها ولوَّح بقطع العلاقات معها ،لكنه لم يتجاوز سقف التجميد (كشفت تسريبات وبكيليكس تفاصيل تلك المناورة ،ومدى استعداد عزيز للتراجع عن قراره مقابل وقوف إسرائيل وأمريكا إلى جانبه).
وأوفد عزيز رُسُله–سياسيين ورجال أعمال-لإبلاغ إسرائيل بمستوى الضغط الذي تمارسه عليه أطراف مغاربية وخليجية للمضي قدما فى "خطوته البطولية المرتقبة"،إلا أن "الدفع" العربي كان أسرع من التجاوب الإسرائيلي.
وما كان إنشاء عزيز لجهاز أمن الطرق إلا ردة فعل أخرى للتخلص تدريجيا من جهاز الشرطة المحسوب- من وجهة نظره التبسيطية- على الرئيس المرحوم بإذن الله،اعلي ولد محمد فال،بعد أن أصبح عزيز يصنفه فى قائمة أعدائه الألداء.
و ركب عزيز موجة اهتمام دولة خليجية بمكافحة "الإرهاب الإخواني"،فحصل منها على منحة بعشرات ملايين الدولارات لإنشاء جهاز "أمن الطرق ومكافحة الإرهاب"،ضمن مسرحية تكشفت فصولها لاحقا وأوشكت-مع أمور أخرى- أن تضر بعلاقات موريتانيا مع تلك الدولة.
وبنفس العقلية الارتجالية أصدر عزيز مذكرة اعتقال دولية ضد معارضه الشرس المصطفى ولد الامام الشافعي،بتهمة دعم الإرهاب،وهي التهمة التي لا يزال عزيز يثير السخرية بسببها لدى جيرانه الأقربين وشركائه الأبعدين.
وبعد أن سامر السنوسي فى القصر الرئاسي ليال وليال،واستأمنه الرجل المطارَد على بعض أفراد عائلته ومؤنه من أسرار وصناديق،صار السنوسي كنزا مزدوج المنفعة كثمرة الهجليج (توقة) يمكن بيع أسراره بالتجزئة إلى دول عديدة،قبل عرضه –كصندوق كامل-فى المزاد العلني.
و فجأة اكتشفنا أن سمير عزيز فى قصره أصبح مجرما دخل البلاد بجواز سفر مالي مزور،وفُتح المزاد العلني لبيعه فرسَا على "الحكومة الليبية" فى ردة فعل مخجلة على تباطؤ المزايدين الآخرين. ( بمرارة روت العنود،ابنة السنوسي،القصة كاملة فى مقابلة مع قناة فرانس 24 فى دجمبر 2013 )
ويوم علا من مجلس الشيوخ صوتٌ معارض لأجندات عزيز الدكتاتورية،وداعٍ إلى فتح التحقيق فى صفقات الفساد والثراء السريع فى محيطه،أصبح مجلس الشيوخ ((غُدة))مؤلمة يصعب معها الابتلاع.
وبذات عقلية ردة الفعل و الانتقام وتسخير الدولة ،مؤسسات وأفرادا ، لتحقيق نزواته الشخصية،أهدر عزيز أموال الشعب الموريتاني فى استفتاء هزلي تافه غايته التخلص من مجلس الشيوخ كمؤسسة ومن الشيخ محمد ولد غده وبعض رفاقه الذين أمسوْا صوارم فى خاصرة نظام عزيز المحتضر.
إن الشيخ محمد ولد غده وبعض زملائه ،وهم يعلنون على الملأ بعض ما يكرره أقرب مقربيك فى خلواتهم،قد أصبحوا إيقونة لرفض الظلم والغطرسة،وسواء اختطفتهم جميعا أو سجنتهم مدى الحياة،أو حتى صفيتهم جسديا،فلن يغير ذلك شيئا فى معادلة العزم على تخليص موريتانيا من نظامك.
أعرف جيدا أن نفسك ،الأمارة بكل ما سلف وبما هو أدهى منه وأمر،تحدثك بأن الجوَّ قد خلا لك بعد رحيل الرئيس الشهم اعلي ولد محمد فال،وحل مجلس الشيوخ،واختطاف محمد ولد غده،واختيار كل من محمد ولد بوعماتو وأحمد باب ولد اعزيزي منأًى عن الأذى.
معركتك يا عزيز ليست مع هؤلاء وحدهم، فظلمك لم يسلم منه حتى الذين رضوا بالخنوع والمداهنة بالموالاة،و هم اليوم يستجمعون –سرا- ما تبقى من قوة لديهم ليقفزوا من مركبك الجانح.
وإن غدا لناظره قريب.
باباه سيد عبد الله
رد المدير المساعد بإدارة العلاقات الخارجية بالبرلمان السيد دداه فاضل والذي تضمن اتهمات خطيـــــــــــرة :
"من جديد يخرج باباه ولد سيدي عبد الله من جحره وهو يتسلل تحت أجنحة الظلام ليلقي بعضا من مخزونه من البذاءة واحتياطه من قواميس السقوط والقول الفاحش. يلقي باباه "مواعظه" متناسيا أن الناس تعرفه وتتقن احتقاره، منذ تسكعه في أزقة القديمة في كيفه قبل أن يلقي به القدر إلى التطفل على موائد وولائم نواكشوط، قبل أن يلج الإذاعة الوطنية من بابها الضيق، حيث كان دخوله إلى مباني الإذاعة يعني حالة إنذار شاملة تغلق فيها الأبواب وتتمسك السيدات بحقائبهن خوفا من معاودة الفتى هوايته المفضلة في نشل حقائب السيدات؛
ذات يوم صيفي من أيام نواكشوط خرج على غير عادته عن ثوب التملق والاستكانة محاولا النيل من إحدى سيدات الإذاعة، فقاده حظه العاثر إلى خارج أسوارها ولم تشفع له قصائده العصماء التي دبجها في مدح معاوية وتخيل إنجازاته وفتوحاته وكتبه الصفراء المسطرة بمداد مرق التملق والكذب والنفاق.
بعد الإذاعة، توالت غزوات البيوت والدوائر الحكومية ونجوم الليل وسيدات المجتمع: نشل الحلي والوثائق الحكومية و محتويات الحقائب النسوية من ما خف حمله وغلى ثمنه.
لكن هوايته الأولى وموضع إبداعه "النشل"، قادته إلى تجارب خارج الحدود، مع بعض الصحافة الإقليمية التي لا يزال مسؤولوها وعمالها يتندرون بها كل ما ذكرت موريتانيا وصحافتها.
لم يغفر باباه سيدي عبد الله لفخامة رئيس الجمهورية أنه صد تملقه، حيث كان أول من نظم شعرا في مدح الرئيس محمد ولد عبد العزيز، معتقدا آنذاك أن أبواب التملق مازالت مشرعة له ولأترابه. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم باباه الذي كان في بحث مستمر عن من يشتري بذاءاته فوجد ضالته في عصابة تجار المخدرات وبائعي السلاح ومهربي البشر والخارجين عن القانون.
وجد باباه ضالته و مصروفه، لكنه لن ينال لا ثقة المثقف ولا الإعلامي ولا حتى المعارض، بل سيبقى بائعا في عتمة ليل الأخلاق والمروءة