مستشار سابق في الرئاسة يكتب : أولوياتنا، رضا الله بر الأمان

جمعة, 10/05/2018 - 11:27

يدرك  الجميع، أننا بلد لديه منذ عشر سنوات أولوياته،التي ألغت كل مشاريع التأزيم والإقصاء، وأنهتعهودا من كبت الحريات واستيراد صنوفالاديولوجيات واستنساخ تيارات الرحيل ، ورفضتمشاريع التقسيم التي  ترعاها  قوي  الاستعمار وجواسيس السفارات الأجنبية من كل لون من ألوانمروجي الكراهية العنصرية، والاستهزاء بائمة المالكيةومناهج  المحظرة، والمكذبين بالدين .

 تجربتنا الديمقراطية أولوية من أولويات المرحلة، لأنها كرست قيم الحوارالموريتاني  الموريتاني، وصاغت دستوريا  أسس المصالحة الوطنية، وألغت فلسفة نفي الآخر جملة وتفصيلا

 وتقوم هذه التجربة على ضمان الحريات  المثبتة في الدستور: السياسية، والحقوقية، والإعلامية،والاقتصادية، والتنافسية.

ومن أهم  أولوياتنا  اليوم  تخطيطا  وتوجيها ، ضمان السلم والاستقرار في بلدنا خصوصا ، وفي  "إقليمالساحل الإفريقي  عموما،  هذا الفضاء الساحلي الذي تبلغ جغرافيته  عشرة ملايين كيلومتر مربع، أربعوستون بالمائة من هذه المساحة عبارة عن صحراء جرداء والثلاثون البقية صالحة للزراعة والسكن، ويقطنهذا  الإقليم حوالي مائة مليون إفريقي متوزعين على قبائل وأعراق متعددة، وبلغات مختلفة أهمها العربيةوالأمازيغية والحسانية ولهجات إفريقية محلية كثيرة، إضافة إلى لغة المستعمر: الفرنسية، كما يعتبر الإقليمأحد أفقر المناطق بالعالم، فنجد النيجر على سبيل المثال ، لا الحصر،  كأفقر دولة بالعالم بأكثر من سبعينبالمائة من السكان تحت خط الفقر، حسب تقرير الأمم المتحدة".

ولعل  أولوية  الأولويات  عند  أغلبية  الموريتانيين  عبر الماضي و الحاضر والمستقبل،  هي المحافظة على عطاء علمائنا  و نموذج قيادتنا للدعوة  الإسلامية بالتي هي أحسن .

التي قدمت  لعالم كله  و للأمة المسلمة ، فقه السلم و الاعتدال والوسطية، و التي تفوقت بنبوغها العلميوورعها وزهدها، على علماء   الحرمين  والأزهر الشريف  ومدارس  المذاهب الإسلامية الأربعة.

  تلك التجربة الشنقيطية  المعطاء،  التي جربت أهليتها و ريادتها في مشارق الأرض ومغاربها .

عشرة قرون  مزكاة  أنتجنا خلالها، ألق المحظرة الشنقيطية، التي أنجبت آلاف العلماء الذين نشروا حضارةالمحبة بلا إكراه، وبثوا قيم الأخوة بلا  رشوة ولا قسوة.

 فأصبح بلدنا بفضل مخرجاتها منذ قرون بلد عزة ورحمة.، يأرز إليه، طلبا للعلم حفظا ودراية،  كل مسلم راشد، يرفع الأذان خمسا، ويعفر جبينه لله العلي العظيم  سجودا وإنابة.

شروط النهضة وأسس التنمية  الثلاثة هذه: حرياتنا الديمقراطية المصانة ، وأمن  واستقرار بلدنا ومنطقتناالمنجز بعيوننا الساهرة، ونموذج تديننا المقدس، هي خطوط حمراء ، كل من يحاول الانتقاص منها، أويضام في رؤيتها، كليل إلى العمى أقرب، ومجاهر بالسوء يدعو إلى ماض أفل نجمه  و بز بزا.

كأن  هذا المكذب الأبتر، في عميه لا يرى الحرائق المشتعلة من حوله في العالم وبحور دماء  الأبرياء المتدفقة ، وهو في غيه  أصيل  في الانتماء إلى أنظمة  أهلكتها السجون والمعتقلات.

 تلك عروشها خاوية، بلا بواكي،  وبلا فكر أحمر أو أخضر ، وبلا أفق للحل الأمثل.، وأصبحت محاصرة ب : كلا لا وزر

ولأننا مسلمون فان أهليتنا التاريخية، ومشروعية أولوياتنا المرحلية، تفرض علينا أن نغير من قواعدالاشتباك، ونرسو  إلى بر الأمان.

وبر الأمان من العلمانيين والتكفيريين، أن نرضي الله في منشطنا ومكرهنا، وفي يسرنا وعسرنا، وان لا ننازعالأمر أهله، ما لم يكن هناك كفر  بواح: " لكم من  الله عليه برهان".

ومن بر الأمان منهم، أن نعيد للنهج المحظري عزته ومجده، ونحميه من تقارير غلاة العلمانيين سكارىالحانات ، ومن  انتحال التكفيريين والمنافقين طلاب الامتيازات، ومن تأويلات الجاهلين،ممن يبيع دينه  بمتاعقليل من المؤلفة قلوبهم، تعساء عبدة  الوظائف والدينار والدرهم.

ومن بر الأمان منهم،  أن نقدر علماء الخشية الربيين  والقدوة الحسنة،  الذين يبلغون رسالات الله، لا يخشونإلا الله،  ولا يريدون إلا وجهه ، وأن لا نسمع فيهم غثاء "المكذبين أولى النعمة"، الذين أخبرت بصفاتهم،سورةلطالما رتلت  في صلاة الفجر، هي سورة المزمل التي يعرفها المتحنثون بغار حراء، ويدرك فضلها القائمونبالأسحار.

ومن بر الأمان منهم، أن نسلم شأن التدبير الديني إلى من باستطاعتهم النأي بالبلد، عن حروب اللغووالاستهزاء، ويفصلون  في الخصومات بين  الأبرار والفجار.

رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، واستحضار جلال الله وعظمته قبل الآزفة ، لا يلحنون أمام الحاكمأو القاضي ، بحجج واهية، يمكن  أن تقتطع  بالكذب مال أو عرض أو دم المسلم  والمعاهد.

ومن بر الأمان منهم، أن يعلم القاصي والداني، أن رضا الله في إكرام  جماعة المسجد، ورعاية طلبة المحاظر،وفي تعاهد التالين المتدبرين لكتاب قال عنه الله عزوجل: انه يهدي إلى صراط مستقيم .

 ومن بر الأمان  منهم الإعلاء من شهادات وتزكيات وروحانيات،  كل عباد  من  عباد الله  الصالحين ، دعا بصواب وإخلاص إلى دين الله القويم، سرا وجهرا، ساربا بالنهار ، أو مستخفيا بالسدس الأخير من الليل.، لا نكذبه، ولا نرهقه.

قال الله عز وجل  لنبيه صلي الله عليه وسلم في سورة المزمل:

’’وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَايَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا(12)  ’’

وقال الإمام النووي:[... وفي الحديث : «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالينوانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بصيانة العلم و حفظه وعدالةناقليه وأن الله تعالى يوفق له في كل عصر خلفاً من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف وما بعد فلايضيع وهذا تصريح بعدالة حامليه في كل عصر وهكذا وقع ولله الحمد وهذا من أعلام النبوة ولا يضر معهذا كون بعض الفساق يعرف شيئاً من العلم فإن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لايعرف شيئاً منه والله أعلم] تهذيب الأسماء واللغات 1/17

وفي السنة عن ابن عمر  رضي  الله عنه ، قال  رسول الله  صلى  الله  عليه وسلم : "بعثت بين يدي الساعةمع السيف ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقومفهو منهم"

أخرجه أبو داود.

محمد الشيخ سيد محمد /أستاذ وكاتب صحفي