-موقع الاستقلال- تمكنت وكالة الأخبار من الحصول على تفاصيل عن الخلية التي أشرفت على تسريب تسجيلات عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غدة، كما تمكنت من الحصول على اسم المسؤول عن توزيع التسريبات على مجموعات الواتساب وصورته وأرقام الهواتف التي استخدمت لتوزيع التسريب.
وأظهرت المعلومات التي حصلت عليها الأخبار أن الخلية التي من بين أفرادها عناصر من الدرك استخدمت في عملها أرقاما متسلسلة من شركة "موريتل"، يتم من خلالها إرسال التسجيلات إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وحصلت "الأخبار" على تسجيل من الدركي عبد الفتاح ولد محمد الحسن يوم 23 – 07 – 2017 وهو يعلن "للشعب الموريتاني بصفة عامة" عن توقيف التسريبات لأيام، مؤكدا أنهم قدموا "قدرا من الحقائق" عن من يصفهم بـ"الخلطة"، مبررا التوقف بمنح هؤلاء "الخلطة" الفرصة إن كانت لديهم ردود.
خلية تسريبات
وبدأت السلطات في تسريب تسجيلات لعضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده مساء الأربعاء 19 – 07 – 2017، ونشرت الأخبار أول التسريبات الصادرة عن السلطة، وكانت لأحاديث متبادلة بين ولد غده، وعضو مجلس الشيوخ المعلومة بنت الميداح.
متابعة الأخبار لمصادر التسجيلات كشفت عن خلية تشرف على الموضوع، يشرف على بعض أعمالها أفراد من الدرك، فيما تصل لاحقا لمجموعة من الموظفين والملحقين والمكلفين بمهام في الإدارات العمومية، لتأخذ طريقها لاحقا إلى وسائل الإعلام، وإلى الجمهور عبر مجموعات الواتساب.
كما كشفت استخدام المجموعة لسلسة من أرقام شركة "موريتل" تبدأ بالأرقام: ####4905، ويعود رقمان من هذه السلسلة على الأقل للدركي ولد محمد الحسن صاحب التسجيل الذي يعلن توقيف التسريبات لأيام.
رفض للرد
الأخبار اتصلت بالدركي عبد الفتاح ولد محمد الحسن لأخذ رأيه حول الموضوع، وذك عبر الرقمين الذين كان يستخدمهما في إرسال التسريبات عبر الواتساب، وكانا في أغلب الوقت مغلقين، قبل أن يتم تشغيلهما يوم أمس لِيَرِنَّا لفترة قصيرة دون رد، قبل أن يعاد إغلاقهما.
كما أرسلت رسالة عبر الواتساب لم تتلق هي الأخرى ردا، ولم تكن الرسالة التي أرسلت له عبر صفحته على فيسبوك - التي شارك عليها "تعريفا" شاملا بقطاع الدرك عبر الموقع الرسمي للقطاع – أحسن حظا من سابقتها أو من الاتصالات التي أجريناها على أرقامه.
"لست معنيا بالأمر"
كما اتصلت الأخبار أمس الأربعاء 02 – 08 – 2017 على مدير الاتصال في قيادة أركان الدرك، وطلبت تقديم رأي القطاع حول المعلومات التي حصلت عليها عن الموضوع، سواء ما يتعلق بعلاقة قطاع الدرك بالقضية، أو بالمعلومات المتعلقة بالخلية التي ينتمي لها الدركي ولد محمد الحسن.
وقد اكتفى مدير الاتصال بقيادة أركان الدرك بالقول: "لست معنيا بالأمر"، وعندما أخبرناه أن ما توصلنا إليه – خلال التحقيق – يقول إن الدرك معني بالموضوع، رد بقوله: "أنا لست معنيا بالموضوع".
رفض للاستقبال
صباح اليوم الخميس أعادت "الأخبار" الاتصال على الموزع الرسمي في قيادة أركان الدرك، وجاء الرد سريعا: "قيادة أركان الدرك.. تفضلوا".
أخبرناهم أننا في الأخبار لدينا تحقيق عن موضوع التسريب، وبعض معطياته تتعلق بالقطاع ومن حقهم إبداء رأيهم في الموضوع قبل نشره.
طلب منا المستقبل الانتظار على الخط، ليحيلنا إلى رقم لم يرد، فأعاد طلب البقاء على الخط، وحوّل الخط ثانية، فلم يأت الرد، ثم أعاد طلبه ثالثة، وعاد ليقول: "قال إنه لن يستقبلكم"، رددنا عليه: "لن يستقبلنا، هل المسؤولية مسؤوليته هو وحده أم يمكن لآخر آن يرد علينا"، فرد بقوله: "...هو ما أخبرتك به".
اتهام بالتجسس
وكان عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده قد اتهم الدرك في روصو بانتهاك خصوصيته والتجسس عليه، كما أصدر فريق دفاعه بيانا أكد فيه أن الدرك انتهك "خصوصية وحرمة مراسلات السيناتور، وذلك من خلال تجسس فرقة الدرك على هواتفه، التي صادرتها عند الساعة الواحدة زوالا من يوم الجمعة، وبعد إغلاقها لساعات، عمدت الفرقة إلى فتح الهواتف في اليوم الأول ما بين الساعة الخامسة مساء حتى الساعة التاسعة مساء، ثم من الثالثة صباحا حتى الرابعة صباحا، ثم أعيد فتحها يوم السبت، حيث اطلعوا على كل الرسائل الشخصية في الواتساب، والفيس بوك، والرسائل النصية، والإيميل، ومنها ما يتعلق بعمله كعضو في الغرفة البرلمانية العليا، ومنها ما هو شخصي".
وأضاف فريق الدفاع في البيان الذي أصدره يوم الأربعاء 17 مايو 2017 أنه "حتى حين تم تسليم المحجوزات للنيابة العامة تم فتح الهواتف أيضا ليلة الثلاثاء لمدة ساعة زمانية".
وقد أصدرت النيابة العامة في ولاية الترارزة بيانا نفت فيه أن يكون ولد غده قد "تعرض لأي إجراء يخالف القانون، ولم يسأ لمركزه القانوني مطلقا"، مشددة على أن أغراضه الشخصية لم تتعرض لأي تفتيش.
شكوى "دون تصرف"
المحاميان محمد المامي مولاي اعل والشيخ ولد سيدي محمد تقدما بشكوى أمام وكيل الجمهورية في ولاية الترارزة يوم الخميس 27 – 07 – 2017، وبتوكيل من السيناتور محمد ولد غدة، وسجلت الشكاية لدى كتابة ضبط وكالة الجمهورية تحت الرقم 37/2017، وإلى الآن لم يتصرف عليها الوكيل لا بالسلب ولا بالإيجاب، حسب المحامي ولد مولاي اعل في تصريح للأخبار اليوم الخميس.
وأضاف ولد مولاي اعلي أنه "رغم أن القانون يلزم وكيل الجمهورية إما بإحالة الشكوى للبحث أو حفظها دون متابعة، لكن شيئا من ذلك لم يقع حتى الآن، والإجراءات القضائية مفتوحة أمامنا على عدة خيارات نحن بصدد دراستها"، مشيرا إلى أنهم طلبوا "من السيد وكيل الجمهورية تسليمنا هواتف السيناتور بناء على أن المحكمة في روصو أمرت برد الهواتف، وأكدت محكمة الاستئناف ذلك الأمر، لكن السيد الوكيل رفض تسليمنا الهواتف"
مسؤولية مضاعفة
وأكد ولد مولاي في تصريحه للأخبار أن المسؤولية في هذه القضية مسؤولية مضاعفة "تتعلق الأولى بفعل التجسس على هواتف السيناتور، وهذه تقع على أفراد الدرك المباشرين الذين اطلعوا على محتويات الهواتف، منتهكين لنص المادة: 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 1326 مكرر بتاريخ 9 دجمبر 2014 التي تنص على أنه: (لايجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته، ولكل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس).
وأضاف ولد مولاي اعل أنها كذلك تنتهك "نص المادة: 2 من نفس العهد والتي تنص على أنه (تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق دون أي تمييز بسبب... الرأي سياسيا أو غير سياسي)، بالإضافة للمادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تؤكد هذا المنحى بقولها: (لا يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمسُّ شرفه وسمعته. ولكلِّ شخص حقٌّ في أن يحميه القانونُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحملات) وهو ما كرسته الفقرة 3 من المادة 13 من الدستور بقولها: (تضمن الدولة شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمة شخصه ومسكنه ومراسلاته)".
وشدد ولد مولاي اعل على أنه "على هذا الأساس تعاقبهم المادة: 111 من القانون الجنائي التي تنص على أنه: (يعاقب الموظف العمومي أو العون أو المأمور الحكومي بالحرمان من الحقوق الوطنية إذا أمر أو قام بعمل تحكمي أو عدواني ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر أو بالحقوق الدستورية، إلا أنه إذا أثبت أنه تصرف طبقا لأوامر رؤسائه وفي موضوعات داخلة في اختصاصهم تجب في نطاقها الطاعة حسب التسلسل الإداري يعفي من العقاب الذي يطبق في هذه الحالة على رؤسائه الذين أصدروا إليه هذا الأمر)، وحرمة المراسلات من آكد الحقوق الدستورية".
أما المسؤولية الثانية – حسب المحامي ولد مولاي اعل – "فتتعلق بتسريب محتويات الهواتف، وهذه تقع على كل من ساهم في تداول التسريبات عبر الوسائط المعلوماتية طبقا للمادة: 24 من القانون رقم: 07/2016 المتعلق بالجريمة السبرانية التي تنص على أنه: (يشكل مساسا متعمدا بالحياة الشخصية التسجيل عن قصد دون علم الأشخاص المعنيين، بأي وسيلة وعلى أية دعامة، سواء كانت صورا، أو أصواتا، أو نصوصا، بغية الحاق الضرر بهؤلاء الأشخاص، ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة، وبغرامة من 100.000 أوقية إلى مليون أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يعاقب القيام عن قصد بنشر – عبر نظام معلوماتي - تسجيل الصور أو الأصوات أو النصوص، المذكورة في الفقرة السابقة، بالحبس من شهرين إلى سنة، وغرامة من 200.000 أوقية إلى مليون أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين)".