-موقع الاستقلال- إن تخليد أي شعب لأمجاده عمل محبب، لربط حاضر الأجيال بماضي الأجداد، ونحن كأي شعب له أبطاله وملاحمه التي يعتز بها ويفتخر، وقد بدأ اهتمامنا بحقبة مقاومة الاحتلال الفرنسي ينمو مع تنامي الإحساس بالوطن وقضاياه، تلك الحقبة التي ظلت محفوظة في الذاكرة الشعبية عن طريق الأدب بشقيه و الرواية الشفهية وما كتبته أيادي الإحتلال.
واستجابة لمطالب الحركة الوطنية بكل أطيافها في الستينات والسبعينات من القرن الماضي تم إصلاح التعليم سنة 1973 ورغم عيوبه أدرجت مادة المقاومة الوطنية في المناهج التربوية أي ثلاثة عشر سنة من عمر حكومة الإستقلال، وسمي مقر المنطقة العسكرية في انواذيبو بالمجاهد وجاهة، وأطلق اسم الأمير سيد احمد ولد احمد عيده على مقر المنطقة العسكرية الثالثة بآدرار بعد أن كان باسم قاتله الرائد "لكوك"، وفي عهد الرئيس معاوية سمي جناح موريتانيا في مقر اتحاد المغرب العربي بتونس باسم المجاهد سيدي ولد مولاي الزين.
ومنذ تأسيس المدرسة العليا للأساتذة وجامعة انواكشوط نال موضوع المقاومة الوطنية نصيبه من رسائل التخرج التي أثرت المكتبات بتناولها لأغلب المعارك، كما نشرت عدة كتب ودراسات حول الموضوع .
وفي الآونة الأخيرة بدأ نوع من الإهتمام بتلك الحقبة إعلاميا مستفيدا من الطفرة الإعلامية الناشئة، فاختلط الحابل بالنابل وأصبح الكل باحثين ومؤرخين وأبناء الكوم "گوميات" أحفاد مقاومين، وفي هذا الخضم نشأت الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة نشأة متواضعة ومحافظة ـ على الأقل ـ على طابعها الثقافي، ومنذ ثلاث سنوات ارتمت الرابطة في أحضان السياسة وتخندقت وأصبحت مناسبات التخليد فرصة للتطبيل والتزمير، ومنبرا لتقديم السير الذاتية للمتدخلين على حساب شرف وقيم المقاومة الوطنية، هذه الرابطة التي لا تملك مقرا حتى الآن، ولم يحضر رئيس الجمهورية ولا وزير من وزرائه لتخليد معركة من المعارك .
وقد شاهدناهم يفتتحون المباريات والماراتونات ودورات الرماية، وفي مسابقة الخيول يوم فاتح إبريل الماضي حضر الوزير المعني ونائب رئيس البرلمان وعمدة بلدية تفرغ زينه، صحيح تم تكريم المقاوم أحمد ولد بهد، وسمي شارع باسم المقاومة، والمطار الجديد باسم أم التونسي، في نفس الوقت نرى رئيس الجمهورية في زياراته الداخلية لم يقم بزيارة لأضرحة أبطال المقاومة كأحمد ولد الديد و ولد سيد اعل وبكار ولد أسويد احمد وسيد احمد ولد أحمد عيده... وفي جولته الأخيرة في ولاية تكانت تجنب ساحة شهداء معركة تجكجه حيث قتل منظرو احتلال موريتانيا وألغىيت زيارة مسجد الشهيد سيدي ولد مولاي الزين التي كانت مدرجة في برنامج زيارته لواحة امحيرث في آدرار، وتفاجئنا الرابطة في تخليدهاذكرى معركة تجكجه الخالدة 12 مايو الأخيرة بالإعلان عن حملة رئاسية سابقة لأوانها مطالبةبمأمورية ثالثة، وباستثناء مداخلة المناضل محمد يحظيه ولد ابريد الليل التي عبرت عن قيمة الحدث مطالبا باعتماده يوما وطنيا للمقاومة مشكورا، وباستثناء المداخلات الشعرية فإن كل المداخلات كانت قمة في التكلف والتزلف مع بعض الأخطاء كتحجيم مسجد سيدي ولد مولاي الزين من مسجد إلى مصلى، ودفن الشيخ الغزواني في مركز أنتيركنت والصحيح أنه دفين تجكجه 1907، أما من أهدى السيف الذي مزق صدر كبلاني فهو الشيخ محمد محمود الملقب الخلف دفين اللبه، هذا التخليد الذي قاطعه أبناء المجاهد سيدي بن مولاي الزين باستثناء واحد لم يبلغه قرار الأسرة ولكنه تجنب الحديث ولم يعتلي منصة الخطابة.
وخلاصة القول أنني أخشى على الرابطة أن يصيبها ما أصاب الهياكل في عهد الرئيس محمد خونه ولد هيداله، وما أصاب الكتاب ومحو الأمية في عهد الرئيس معاوية، وخشيتي ليست على الرابطة بقدر ما هي خشية على مصير تلك الصفحة المشرقة من تاريخ هذا الوطن.
فلندع أبطال المقاومة أبطالاوطنيين ولندع معاركهم مع الإحتلال معارك وطنية تجمعنا أغلبية ومعارضة نفتخر بها جميعا كما كانت تضحياتهم من أجلنا جميعا، وأن نستخلص منهم قيم الشرف والعزة والكرامة والنخوة والإيثار، أعاذني الله وإياكم من أضدادها، ولنعترف لهم بالفضل.
قال تعالى : ((...وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما)) صدق الله العظيم.
أطار 18/05/2018
مولاي أحمد/سيدي/مولاي الزين