-موقع الاستقلال-
في اليوم الرابع من رمضان الموافق 21نوفمبر 2001 زارت منزلنا المتواضع في حي بوحديدة بمقاطعة توجنين فرقة من أمن الدولة DSE وطلبت من المهندس محمدو ولد صلاحي -والذي أنهى لتوه يوما شاقا من العمل في القصر الرئاسي- مرافقتها لمهمة مستعجلة قد لا تستغرق بضع ساعات حسب قولهم …….
ذهب محمدو خلفهم يقود سيارته وفيما يبدو أنه يسير نحو المجهول…
كان وقتها الجندي الأمريكي Steve Wood في مهمة في قاعدة أمريكية في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية…
دارت عجلة الزمن وبسرعة، والقت صروف النوى بمحمدو في قاعدة “غونتنامو” العسكرية كسجين ذي درجة عالية من الأهمية – حسب وصف سجانيه – حيث تعرض من بين ما تعرض له للسجن الانفرادي ولسان حاله يقول:
فيما الإقامة في الزوراء لا سكني * فيها ولا ناقتي فيها ولا جملي
استدعي الجندي الشاب Steve Wood ضمن قوات خاصة لحراسة المساجين في تلك القاعدة العسكرية وكان من قضاء الله وقدره أن يكون السجين الذي سيتولى Steve Wood حراسته هو ذلك المواطن الذي تم الإلقاء به في سلة الغدر والنسيان من طرف سلطات بلاده ذات مساء حزين. إنه المهندس محمدو ولد صلاحي…
دارت أحاديث بين السجان والمسجون في لحظات مسروقة من ريب الزمان، وحاول كل من الطرفين استمالة الطرف الآخر، لكن عناية الله وتدبيره حاطت بالسجان حيث وفقه الخالق جل جلاله أن ارتدى حلة الإيمان معلنا شهادة .. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله…………….. Steve Wood قبل يومين وخلال حديث لصحيفة the guardian البريطانية في نواكشوط قال إن السبب الأبرز لدخوله الإسلام هو ماشاهده من تمسك ذلك السجين بتعاليم دينه وأخلاقه تحت ظروف بالغة السواد…
الآن وفي رمضان من العام 1439ه تحقق بعض من أمنية محمدو الذي تمنى ذات لحظة في زنزانته أن يجلس مع من ورد ذكرهم في كتابه “يوميات غونتنامو” ليشربوا مع بعضهم كاسات من الشاي في جو طبيعي…
اليوم يجلس الجندي الأمريكي Steve Wood (السجان السابق) مع صديقه (السجين السابق) في جو رمضاني مفعم بالإيمان والتسامح، فالحمد لله مستحق الحمد على ما أولى من النعم …
قل لمن يحمل هما * إن الهـــم لا يــدوم
مثلما تفنى السرور * هكذا تفنى الهموم
التراد صلاحي