-موقع الاستقلال- ودبت الحركة خلال ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة، في السوق المركزي بمقاطعة السبخة في العاصمة نواكشوط، بعد حريق هائل اندلع ليل الخميس.
ويطبع الحزن، وجوه التجار والباعة المتجولين، أثناء تجولهم بين البضائع التي التهمها الحريق الذي استمر لعدة ساعات قبل السيطرة عليه.
خسائر مادية كبيرة خلفها الحريق، حيث العربات المحترقة ببضائعها، ومحلات بعثرت النيران ما بداخلها.
ويقف البائع علي ولد الناجي أمام عربته التي كان يبيع من خلالها عطورا، ومستحضرات تجميلية.
ولم يبق لعلي من بضاعته، سوى ذكريات تستحضرها الحسرة من مخلفات الحريق بحسب تصريحه لمدار.
ويوضح علي أنه علم بالحريق الذي بدأ من عربته قبل أن يتمدد إلى المحلات الأخرى، من خلال اتصال هاتفي.
ويتفحص علي بضاعته التي أتت عليها النيران، قبل أن يلتفت لمدار ويقول:
“خسائري جراء هذا الحريق، تقدر ب 3 ملايين أوقية قديمة ونصف.
وحتى الدفاتر الخاصة بالدين لم تسلم من هذا الحريق الناجم عن التماس كهربائي.”
وفي ركن آخر من السوق، يفتش التجار تحت الأنقاض، بحثا عن بضائع ناجية من الحريق، وسط حضور من السلطات الأمنية، وبعض المتفرجين.
ووسط عمليات البحث، تقف البائعة آمنة حيث كانت تبيع يوميا في هذا السوق، وتبحث آمنة بدورها عن مالم تصله ألسنة اللهب من منتجاتها، قبل أن تعلق عملية البحث.
وتقول آمنة لمدار:
“كنت أبيع يوميا في هذا السوق، البخور، “والرشوش” ، والسبحات، وبعض المنتجات التقليدية، كالقلائد، والخرز.
وكانت هذه البضائعة، هي مصدر دخلي الوحيد، وهي التي كنت أعيل منها عائلتي.
كما كنت أوفر منها المصاريف الدراسية، ولم يبق لي شيء منها.”
خسائر مادية كبيرة
ولم يخلف هذا الحريق، أي خسائر في الأرواح، لكنه كبد خسائر مادية كبيرة للتجار، وللباعة الصغار على حد سواء.
التاجر سيدي ولد محمد ولد إبراهيم، وصل باكرا إلى عين المكان، وبدأ رفقة عماله، بتفقد محله الخاص ببيع “الملاحف”.
ويتجول سيدي داخل المحل الذي غير الحريق لون جدرانه، مشيرا في حديثه إلى مدار، إلى أنه خسر جميع ما في المحل.
ولفت في تصريحه لمدار، إلى أن الخسائر “تتراوح بين 30 و40 مليون أوقية قديمة.”
أما التاجر محمد ولد حرمه، فقد قدر لمدار خسائره بنحو 11 “مليون أوقية قديمة”.
لوم الباعة الصغار
ويحمل التجار، مسؤولية استمرار الحريق لفترة طويلة، للباعة الصغار بسبب “انتشارهم العشوائي في السوق”، الذي صعب من مهام فرق الحماية المدنية، قبل أن تسيطر على الحريق.”
ويوضح أحد التجار لمدار، “أن وجود الأقمشة الكثيرة لدى الباعة الصغار، والمواد القابلة للاشتعال، وحصولهم على الكهرباء بطريقة غير آمنة، من الأسباب التي ساهمت في اندلاع الحريق”.
ويشير إلى أن ” عرباتهم، وطاولاتهم، منعت سيارات الحماية المدنية ، من الدخول إلى المحلات الأخرى التي اندلعت فيها النيران بقوة”.
وحمل التاجر البلدية أيضا، “مسؤولية الانتشار العشوائي للباعة المتجولين، وعدم تنظيمهم.”
ومن جهتهم، رفض الباعة الصغار، تحمل مسؤولية الحريق، على غرار البائع المتجول يعقوب.
ويقول يعقوب لمدار:
“من غير المنصف، تحميل الباعة الصغار، مسؤولية الحريق ، فنحن لسنا إلا جزء من فساد الدولة، التي لم تمنح لنا مكانا خاصا بنا.
ليس للبائع المتجول، سوى الشارع والأرصفة، من أجل بيع بضاعته وكسب قوته، ونطالب الدولة باتخاذ إجراءات عاجلة بهذا الخصوص”.
وبعد اندلاع الحريق، طوقت السلطات الأمنية المكان، ولم تسمح لأحد من التجار بالاقتراب، قبل السيطرة على الحريق.
وقد اندلع الحريق، عند الساعة الثامنة ونصف، من ليل الخميس، بين عدد هائل من الدكاكين التي تحتوي على الكثير من المواد القابلة للاشتعال، بحسب حاكم مقاطعة السبخة الخليفة المختار سيدي عالي.
ويشير حاكم المقاطعة في تصريحه لمدار، إلى “أنه تم الحد بشكل كبير من الأضرار المادية، بعد تدخل الأمن المدني الذي احتاج لساعتين، للقضاء على خطورة الحريق.”
ويوضح ولد سيدي عالي، أن “ألسنة اللهب، حاصرت حوالي 6 محلات”، مضيفا أنه ” لا يمكن حاليا، تقدير الخسائر المادية للحريق، بشكل نهائي.”
ولفت إلى أن العناصر الأمن المدني والشرطة، ” لم تنم خلال الليلة الماضية، وتواصل عملها لاحتواء الخسائر.”
معظم التجار الذين تحدثت معهم مدار، أكدوا خسائرهم “الفادحة” جراء الحريق، وينتظر بعضهم وخاصة الباعة الصغار، تعويضات من الدولة، بعد أن ” أصبحوا لايملكون شيئا.”
ومن جهة أخرى، يطالب البعض بتنظيم الأسواق، وتخطيطها، حتى تسهل على سيارت الإطفاء الدخول بسرعة، في حال اندلاع حريق جديد، لتفادي هذا النوع من الخسائر المادية الكبيرة، في المستقبل.