حنفي يكتب: علقوا مشانق النواب والجنرالات

ثلاثاء, 03/07/2017 - 02:03

- موقع الاستقلال- يسعـى الجنرال محمد عليون لتمرير تعديلاته الدستورية، التي تم اعتمادها في “حواره الشامل”، عن طريق مؤتمر برلماني يجمع الشيوخَ “الشيخوخةَ غير الوقور” و النواب “الذين يقلّون عند النوائب”.

لقد أخلف ولد عبد العزيز كعادته وعودَه بعرض المقترحات، التي لم تشذ منها شاردة و لا واردة عن خطاب النعمة، على استفتاء شعبي. و لعل السبب في ذلك أن الجنرال الأرعن أدرك حجم الرفض الشعبي الذي قُوبلت به اقتراحاته، فأولاها قفاه العريض.

اللجوء لتمرير التعديلات الدستورية من خلال برلمان المفسدين و شيوخ القبائل و تجار العملات و زعماء عصابات “الشبيكو”، و أصدقاء تكيبر بنت أحمد الملاطفين، هو استخفاف بإرادة الشعب، الذي لم يفتأ هؤلاء النواب يصيبون مقاتله، من خلال تصويتهم على كل القوانين الناهبة لثرواته، و الهادرة لطاقاته، المصادرة لحقوقه.

لقد حاول الشيوخ أن يكونوا رجالاً بأنثيين، فمانعوا بدايةَ الأمر من أن يندمجوا في جوقة الببغاوات، غير أنهم ما لبثوا أن رضخوا لصولة أسد الديكتاتورية الضارب بذنبه، الذي لا يولي أغلبيته اهتماماً، و لا يكنّ لها احتراما.. غير أن الرجل لا يزال غير مقتنع بأنه كسر شوكة تمرد الشيوخ و استأصل شافة خروجهم عن طوعه، لهذا قرر أن يلتقي بهم فرادى، و أن يفتل منهم في الذروة و الغارب، حتى يأمن تصويتهم ضد تعديلاته. فقدم لهم رشاوى من قطع أرضية (تحدث السيناتور محمد ولد غده عن بعض التفاصيل المتعلقة بها على صفحته على الفايس بوك) و منحهم امتيازات غير مستحقة، و وعد بوظائف و تعيينات.. غير أنه أمر الوزراء المعنيين بتلبية تلك المطالب بالمماطلة و التسويف في إنجازها إلى أن يتم تصويتهم على التعديلات. و في هذا الصدد تم اعتماد طرق غير ديمقراطية إطلاقاً للتثبت من عدم تصويتهم ضد التعديلات.

الجنرال الذي ساق ضمن مبرراته للانقلاب على رئيس منتخب: تقديمه رشاوى لكتيبته البرلمانية، ها هو يعيد السيناريو المزعوم حذوَ النعل بالنعل، فيقدم رشاوى أقذر لنوابه البائسين.

الفرق: أن سيدي قدم رشاوى – إن صحت شهادة ولد عبد العزيز المجروحة على ذلك ـ ليحول دون انقلاب على ديمقراطية حلم، فبررت غايته النبيلة وسيلته المريبة، أما ولد عبد العزيز فهو يقدم رشاوى لنوابه و شيوخه كيما يساعدوه في الانقلاب على الديمقراطية و خيار الشعب.

فأيهما خطة خسف.؟!

الجليّ  أن الشعب، الذي هو عماد الديمقراطية، قد تمت مصادرة رأيه في التعديلات المقترحة، فلا الاستفتاء كان مباشراً، و لا النواب و الشيوخ (مع استحضار الإشكالية القانونية في عدم شرعيتهم) يمكنه الرضا بتمثيلهم، و هم الذين لم يفكروا يوماً في غير بطونهم، لا بطون الغرثى و لا أنات الأيامى و لا آهات الثكالى، و لا صفير أمعاء المتضورين جوعا في أحياء الانتظار.

كل ما يسعى الجنرال الأرعن له هو تأمين مستقبله من خطاطيف المتابعة على جرائمه الفادحة في حق هذا الوطن المكلوم، و لهذا تم تمرير قوانين تمنع متابعة الرئيس (و هو صاحب القرارات الخطيرة، التي تخطط و تقرر مصير الأمة) على ما اقترفه خلال توليه الحكم، كما ألغيت محكمة العدل السامية التي من مهامها محاكمة كبار المسؤولين، حتى لا تعلق أشواك الظربى بأذيال اللصوص و هم يقطعون دروب العودة.

دعك من العلم و النشيد الوطني فإنما هما كوافد البراجمة.. فالذي يجعل الديدان في صنارته قبل غمزها، لا يحب الديدان و لا يكرهها، و إنما لأن السمك يحب الديدان.

كان بإمكان ولد عبد العزيز (رغم معارضتي لذلك) أن يجد مخرجاً يفلت به من العقاب، من خلال تفاهمات سياسية مع معارضته، غير أن روح اللامسؤولية التي تدفع الحمار لأن لا يهتم بتردي بئر بعد أن يشرب منها، هي ما دفعته لدسترتها، حتى يصيب كل رئيس مقبل من ثرواتنا ما يشاء، فلا حسيب من قانون حيث لا رقيب من ضمير.

ستتم مقاومة هذه الاستدارة الماكرة للإجهاز على الديمقراطية.. سيقاومها الشباب المتطلع لسماء لا تلمسها أكف الأقزام، و النساء الحالمات بمستقبل واعد لأطفالهن الصغار.. و سيقاومها حجر هذه البلاد و مدرها.. سهلها و جبلها.. رمالها و واحاتها.. حتى الصفاصف الجرداء التي تتراقص فيها السعالى.

لهذا على جميع المواطنين العاضين بالنواجذ على وطنيتهم، أن يشاركوا في مسيرة 11 من الشهر الجاري.. و ما عليهم لو احتلوا البرلمان، و علقوا مشانق النواب و الجنرالات الخونة.. و بقروا كل بطن مترهل بالمال الحرام..

حالفتهم الشجاعة..!

حنفي ولد دهاه