أصناف اللصوص...

اثنين, 01/15/2018 - 01:16

-موقع الاستقلال- واعلم هداك الله وجنبك زوار الليل، من لبس منهم البزة ومن نزعها، أن اللصوص صنفان: 
صنف له بقية من دين وأخلاق.. ينتظر أن ينام الناس ليتسلل خفية، ويوقفُ عمله مع أول خيوط الفجر، وصنف آخر يخطط لسرقته ليلا ليبدأ تنفيذها مع بداية الدوام تحت حماية رسمية. 
الصنف الأول يخشى الفضيحة ويهرب مع اصطكاك باب أو نافذة، أما الآخر فلا حياء له يرفع عقيرته بسرقته في المهرجانات والمواسم الانتخابية، والطامة الكبرى ألا سبيل إلى الخلاص منه إلا بكتيبة برلمانية وأخرى عسكرية من اللصوص. 
الصنف الأول يحترم مواقيت العمل وحق الجيرة.. يمارس هوايته بعيدا عن حيه.. له تخصص محدد مثل كسر نوافذ السيارات ونزع بطارياتها أو نشل هاتف أو محفظة لا يتجاوزه.. الثاني لا حدود لعبثه؛ يلتهم المؤسسات والوزارات والبنوك والإذاعات ومشاريع الاتحاد الأوربي وأموال محاربة السيدا ولحوم الأضاحي السعودية وإفطار الصائم الكويتي. 
تعج بالصنف الأول المفوضيات والسجون.. ويُجرجرون على وجوههم في الأسواق والأحياء، ويعرضون جرحى مهانين في الفيديوهات، بينما يكثر الصنف الثاني في الوزارات والمؤسسات العامة، ويظهرون في النشرات الرئيسية للموريتانية بربطات عنق يدشنون افتتاح حنفية هنا أو فصلا لمحو الأمية هناك تتبعهم الزغردات الزيدانية والولولات البَنية. 
اللص الأول يبقى لصا لا يبدل جلده مدى حياته.. وفي لمهنته يمارسها حتى في السجون والمعتقلات، أما الثاني فحين تضيق عليه دائرة اللصوص ينقلب مناضلا أمميا، وييمم وجهه شطر ساحة ابن عباس مطالبا بالديمقراطية والحكم الرشيد.. وقد تبلغ به الوقاحة أن ينشئ هيئة قارية من أجل الشفافية ومحاربة الفساد. 
الصنف الأول لا بواكي له يقبع في السجن بعد انتهاء محكوميته، أما النوع الثاني فيتحرك من أجله العلماء والمشايخ وتصطف القبائل وتعيد بناء ما اندرس من تحالفاتها سعيا لإطلاق سراحه وعدم محاكمته. 
صحيح أن للأول ضحايا.. وقد روع أفئدة، وهدم نوافذ واقتحم بيوتا، وكسر زجاجا، بل وقتل واغتصب في بعض الأحيان، لكنه ليس مسؤولا عن تربع بلدك الكريم على المرتبة السابعة والخمسين بعد المئة على مؤشر التنمية البشرية من أصل مئة وثمانية وثمانين بلدا، ولا عن نسبة البطالة التي تربو على الثلاثين في المائة.
إياك ثم إياك أن تصب جام غضبك كله على اللص الأول.. احتفظ ببقية منه للصنف الثاني، فهو من يقتل أخوتك كل يوم على طريق روصو وطريق الأمل وأمام المشافي، ويغتال آمالك وأحلامك في العيش والحرية كل يوم.
لقد حان الوقت أن تسدد له لكمة أو تخدشه خدشا بسيطا، أو تغيظه على الأقل وأزلامه بكلمة..
من صفحة المدون: Baba AgMaouloud